بغض النظر عن المصاعب التي تسبب بها الوباء العالمي، إلا أن السباقات الافتراضية عبر الإنترنت استمرت، مع بداية بطولات FIA GRAN TURISMO في الأسبوع الماضي في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. كانت المنافسة حامية وغير متوقعة بمشاركة كل متنافس في بيته. في النهاية، كان الفائز ببطولة منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هو كوك لوبيز من إسبانيا والمفضل دائمًا لدى الجماهير، والذي كان لديه استراتيجية صيانة رائعة في النهائي الكبير. وفي هذا الأسبوع كانت الأعين تشاهد بتوق منطقة الأمريكتين وعودة بطل 2018 البرازيلي إيغور فراغا إلى بطولة NationsCup، وهو ما طرح سؤالًا حول إن كان لدى متسابق سباق فورمولا 3 الواقعي القدرة على الفوز في عالم السباقات عبر الإنترنت.


تمت مراجعة النسق قليلًا في 2020، بتقسيم العالم إلى ثلاث مناطق أساسية – منطقة الأمريكتين، ومنطقة آسياو أوقيانوسيا، ومنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. تتكون كل منطقة من 16 متسابقًا، أعلى 12 متسابقًا تصنيفًا بالإضافة إلى أربعة لاعبين استحقوا أماكنهم عن طريق سباق المرحلة الإضافية الزمني عبر الإنترنت. هذا العام، تتضمن الأمريكتين متسابقين يمثلون ست دول منها كوستا ريكا وغواتيمالا. تنافسوا في ثلاثة سباقات وأعلى أربع متسابقين تأهلوا إلى النهائيات العالمية. (ملحوظة: ثمانية من منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا تأهلوا إلى نهائيات العالم وأربعة سيمثلون منطقة آسيا وأوقيانوسيا، بمن فيهم تاكوما ميازونو من اليابان والذي ضمن مركزه بالفوز في "الجولة العالمية – سيدني" في بداية العام). التشكيل المبدأي لكل سباق سيحدده سباق عشر دقائق، وستوزع النقاط على أعلى 10 مراكز في كل سباق.


مع مجموعة ترتيب البداية من أجل السباق الأول، كان الوقت قد حان لبدء السباق.

السباق الأول

محطتنا الأولى كانت ساو باولو في البرازيل، موطن حلبة السباق الشهيرة أوتودرومو دي إنترلاغوس. بالنسبة لهذا السباق المكون من سبع لفات في سيارات المجموعة 3، كل تحتاج إلى استعمال إطارات صلبة طوال السباق (غير مسموح بتبديل الإطارات أو التوقف من أجل الوقود). لم يتباطأ نيكولاس روبيلار (FT_NicoR) من تشيلي وأخذ الصدارة في سيارته HyundaiGenesis، بينما أتى أندروبروكس (PX-7-Deafsun) من كندا خلفه في سيارته DodgeViper SRT، وهو من فاز بسلسلة سباقات أمريكا الشمالية عبر الإنترنت. وأتت في المركز الثالث من حيث أقصر زمن مؤهل سيارة Porsche911 RSR التي يقودها بطل أمريكا الجنوبية أنخيل إنوستروزا (YASHEAT_Loyrot)، من تشيلي أيضًا، وبعده البرازيلي لوكاس بونيلي (TGT_Bonelli) في سيارة AstonMartin V12 Vantage. وجدير بالملاحظة بداية البرازيلي إيغور فراغا (IOF_RACING17) الذي لم يعد بمستواه، في المركزالسابع في سيارة Mazda Atenza (Mazda6).

عندما انطلقت شارة البداية، انطلقت معها السيارات مجتازة خط البداية في تشكيل خطي، إذ توخى السائقون الحذر بسبب الإطارات الصلبة الباردة. في اللفة الثانية، بدأ إنوستروزا بالضغط على بروكس من أجل المركز الثاني بينما ابتعد عنهما روبيلار بسيارة Hyundai Genesis. بينما يصر بروكس على حماية مركزه، لحقته كل السيارات من خلفه، فأصبح الفارق بين المركز الثاني والسابع ثانية ونصف الثانية وحسب.


مع سيارة Porsche911 وبسرعة 260 كم/س، قرر إنوستروزا المرور من الأمام بشكل صريح، متحركًا للداخل باتجاه بروكس في المنعطف 1. تلامست السيارتان لكن بروكس تمكن من الحفاظ على مركزه. حدثت مناورات أخرى في السباق لكن أغلبها لم يكن ناجحًا. كان الأمر يصبح أوضح بأن مضمار إنترلاغوس من أصعب المضمارات فيما يخص تجاوز المتنافسين، إذ لم يتغير ترتيب اللاعبين بشكل كبير خلال اللفات القليلة المقبلة.

ساعد كل ذلك روبيلار الذي تقدم بفارق ثانيتين وزاد على ذلك الفارق كل لحظة تمر. في منتصف السباق، كانت السبعة مراكز الأولى يحتلها روبيلاروبروكس وإنوستروزا وبونيلي وراندال هايوود (Lexus RC F) من الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيلي أدريانو كارانزا (Volkswagen GTI VGT).

حتى في المراكز المتوسطة لم يكن هناك أي تجاوز للمتنافسين، إذ كان تريستان بايليس (الولايات المتحدة الأمريكية) وفابيان بورتيلا (تشيلي) وكيفان بوندر (الولايات المتحدة الأمريكية) في المراكز الثامن والتاسع والعاشربالترتيب، ويتفوقان على سيارة المركز الحادي عشر بفارق مريح.


في اللفة الأخيرة، قام لوكاس بونيلي بأشجع التحركات في السباق، إذ تخطى إنوستروزا في سيارة Porsche911 واقترب من منالجزء الخلفي من Dodge Viper الخاصة ببروكس. بدا أن البرازيلي مُصر على خطف المركز الثاني ذي النقاط العشرة. لكن بينما كان بونيلي مشغولًا بمحاول تخطي الكندي، تسلل منه أنوستروزا واستعاد المركز الثالث في زاوية فيرادورا (المنعطف السادس). أثرت الحركة على بونيلي بقوة إذ انخفضت سرعته وتراجع من المركز الثالث إلى السادس في منعطفين فقط.


وفي النهاية كان روبيلار. إذ تجاوز الفائز بالجولة العالمية في 2019، خط النهاية أولًا وجمع 12 نقطة تُمنح للفائز بالسباق. أما بروكس، فصدّ المتحدين خلال السباق بأكمله، وحصل على المركز الثاني المستحق وتبعه إنوستروزا ثم كارازا ثم هايوود. أكد الإحباط الذي ملأ وجوه عدة متسابقين في السباق الأول أن المنافسة التالية ستكون مليئة بالتحركات الجريئة والتسابق الذي لا يتوقف.

السباق الثاني

كانت ساحة حلبة لاغونا سيكا لـWeatherTech في شمال كاليفورنيا، أما سيارات المتنافسين فكانت من المجموعة B. وكان هناك سباق 10 دقائق آخر ليقرر ترتيب الانطلاق. قاد لوكاس بونيلي بغضب مستوليًا على الحلبة والمركز الأول. ومثل المرة الأخيرة، كان على اللاعبين السباق بإطارات صعبة في عشرة لفات، ما يعني أنه لن يكن هناك توقف للصيانة.

كانت الجولة التمهيدية دليلًا على أن هذا السباق سيكون مختلفًا عن الذي سبقه. في اللفة الأولى، اقترب أدريانو كارانزا (البرازيل) من سيارة الكندي أندرو بروكس PeugeotRCZ بشدة في المنعطف الثاني الحاد آخذًا المركز الثالث منه. وبالوصول إلى اللفة الثانية، تفوق المتسابقون الخمسة الأوائلبـ1.6 ثانية على باقي المتسابقين. وعندما بدأت السيارات اللفة الثالثة، كان هناك الكثير من محاولات المرور إذ استعاد بروكس مركزه الثالث في نفس المنعطف الحاد الذي أفقده المركز سابقًا. حاول أيضًا نيكولاس روبيلار المرور لكن كارانزا أغلق الطريق أمامه. بينما وصلت السيارات إلى سرعة 200 كم/س في الطريق المستقيم قبل منعطف Corkscrew الشهير، زاد الفارق بين بونيلي في سيارةسباق Honda NSX وأنخيل إنوستروزا من تشيلي في سيارة سباق PeugeotRCZ وبين باقي المتسابقين بأكثر من ثانية ونصف.

وفي منتصف السباق، سيطر بونيلي وإنوستروزا وبروكس وكارازا ونيكولاس روبيلار (تشيلي) على المراكز الخمسة الأولى.


وفي اللفة السادسة حاول روبيلارالمرور من كارازا في منعطف Corkscrew من أجل الحصول على المركز الثالث، عندما أتى الأمريكي راندال هايوود من العدم وتخطى روبيلار في سيارة Subaru WRX ليحصل على المركز الخامس. لكن روبيلار أظهر للجميع لمَ يُعدالمرشح الأول دائمًا إذ استعاد مركزه في المنعطف التالي. بينما ابتعدت السيارات الثلاثة الأولى بما يقارب 4 ثواني، وفصلت 1.5 ثانية فقط بين المركز الخامس والتاسع ما يعني أن الكثير من الإثارة كانت تحدث هناك.

في اللفات القليلة المقبلة، استمر إنوستروزا بالاقتراب من بونيلي في سيارة NSX، كيلا يسمح له بزيادة تقدمه بأكثر من نصف الثانية خلال السباق. كانت اللفة الثامنة هي الفارقة في السباق. كان إنوستروزا عدوانيًا إذ اقترب من المصد الخلفي لسيارة بونيلي NSX واصطدم بها وأخرج البرازيلي من المضمار. سمحت الواقعة لبروك بتخطي كلتا السيارتين وانتزاع الصدارة. كان الوضع مثاليًا للكندي الذي انتظر في المركز الثالث بصبر حتى أخرج المتسابقين الأولين أنفسهما من السباق.

عوقب إنوستروزا بثانيتين من أجل حادثة المنعطف 6. لحسن حظ التشيلي أن ذلك لم يبعده كثيرًا في النتيجة. في هذه الأثناء كان روبيلار، مواطنه، يعاني من كل الويلات، إذعلق في زحام وكانت السيارات الأخرى تصدمه حتى تراجع إلى المركز التاسع.


عندما رفرف العلم المضلع، كان بروكس هو أول من يتخطاه ليحصل على 12 نقطة من السباق ويجمع 22 بشكل إجمالي في النهائي الكبير. وجدير بالملاحظة الأمريكي دانيل سوليس الذي يقود Toyota 86 من المجموعة B، والذي عمل بهدوء لينتقل من المركز الثامن إلى المركز الخامس.

النهائي الكبير

رغم أن الكندي أندرو بروكس بدا وكأنه السائق المثالي للفوز قبل الوصول إلى الجولة الأخيرة إلا أن البطولة كانت لا تزال على المضمار لأن النهائي الكبير لا يزال هنا، وهو مسابقة من 25 لفة على حلبة سردينيا - مضمار الطريق A، يمنح ضعف النقاط وهو ما يعني أن المتسابق الذيلم يحصل على نتيجة جيدة في السباقين الأولين لا يزال بإمكانه الفوز بالبطولة كلها. ويجب على اللاعبين أن يقودوا على الأقل جولة واحدة بكل أنواع الإطارات، الناعمة والمتوسطة والصلبة، وهو ما يجعل البطولة في متناول أيدي من يحقق أفضل استراتيجية صيانة مثلما كانت الحال في مسابقة أوروبا/الشرق الأوسط/إفريقيا في الأسبوع الماضي.


أصبحت الأمور مثيرة قبل أن يبدأ السباق حتى إذ وضع البرازيلي إيغور فراغا بطل عام 2018 نفسه في المركز الرابع في تشكيلة البداية رغم أنه لم يسجل سوى4 نقاط فقط من إجمالي السباقين الأولين. هل بإمكانه صنع المعجزة وتحقيق أفضل عودة في تاريخ FIA GT Championship ؟ ولزيادة الإثارة كان مواطنه أدريانو كارازا، الأسرع في التأهيلات، هو من أخذ المركز الأول في البداية وبعده أنخيل إنوستروزا من تشيلي وبروكس. بدأ الثلاثة الأوائل السباق بالإطارات الناعمة إلا أن فراغا اختار المتوسطة.

وضع ضغط على فراغا بمجرد البداية إذ حاول خوان هيرنانديز من غواتيمالا والتشيلي نيكولاس روبيلار تخطيه بالإطارات الناعمة. أخطأ بروكس في المنعطف الأخير من اللفة الأولى مانحًا فراغا فرصة للعبور ومتخليًا عن المركز الثالث. في اللفة الثانية أصر بروكس على استعادة المركز الثالث بحركة عدوانية وأخرج فراغا من المضمار عند المنعطف 4. خلّفت هذه الواقعة فراغا في المركزالخامس. لكن بعد بضعة منعطفات أخرى، وتحت الضغط من بونيلي وروبيلار، أبعد فراغا عن المضمار مرة أخرى ووصل إلى المركز العاشر. ضربت الكارثة بالبرازيلي الآخر بونيلي، والذي دار واصطدم بالحائط قبل المنعطف الأخير للفة الثانية، ما جعله يتخلف إلى المركز الحادي عشر أمام فراغا الذي عاد إلى المركز الثاني عشر.

تغلب هيرنانديز في اللفة الثالثة على بروكس وانتزع المركز الثالث، بينما انطلق كارازا، البرازيلي الوحيد المتبقي، في الصدارة بفارق 1.4 ثانية. في اللفة التالي تجاوز بروكس هيرنانديز في الطريق المستقيم واستعاد المركز الثالث. في تلك الأثناء انطلق روبيلار، والذي لا يزال يحظى بفرصة كبيرة للفوز بالبطولة، من المركز السابع إلى المركز الخامس. لم يرَ السائقون أي شيء أمامهم إلا خط النهائية في هذا السباق الطويل، ما جعلهم يقومون بمخاطرات جريئة ويحاولون استغلال عصارة أداء سياراتهم المخصصة. كانت الإثارة مستمرة في المضمار وفاتنة.

أول توقف للصيانة حدث في اللفة السابعة عندما دخلت سيارات المراكز المتوسطة لتبديل الإطارات والتزود بالوقود. أما المتسابقون المتقدمون فتوقفوا للصيانة في اللفة التالية بمن فيهم هيرنانديز وإنوستروزا الذي بدّل إلى الإطارات الصلبة من Michelin ثم استعاد الإطارات الناعمة في اللفة التي تليها. في اللفة التاسعة دخل متصدري السباق كارازا وبروكس الصيانة لوضع الإطارات الناعمة مرة أخرى والعودة إلى المضمار في المركز الأول والثاني.

في منتصف السباق تغلب كارازا على بروكس بفارق ثانيتين وتبعهم هيرنانديز والثلاثي الأمريكي روبيرت هيك وتريستان بايليس ونيك ماكميلين الذي فاز بأكاديمية GT مسبقًا. إن استمر هذا الترتيب إلى النهاية فسيفوز بروكس بالبطولة متفوقًا على كارازا، لكن السباق لم ينتهِ بعد.


بالوصول إلى اللفة الثانية عشر، أظهر فراغا البطل الذي بداخله وانطلق إلى المركز السابق بإطارات ناعمة، وفي المقدمة كان مواطنه كارازا والذي ابتعد بالصدارة بفارق 1.3 ثانية عن بروكس. بوصول سيارات سابق Red Bull إلى سرعة 300 كم/س وأكثر في الطرق المستقيمة، كانت المعركة تشتد حدتها في المراكز الرابع والخامس والسادس إذ تعامل فراغا وهيك وروبيلار مع بعضهم بقسوة متشاجرين مع بعضهم البعض على سرعة 250 كم/س خلال آخر ثلاث منعطفات في المضمار. كانت الإثارة شديدة وكانت الهتافات المرحة منتشرة بلغات عدة بينما يتنافسون على المراكز.

شهدت اللفة الخامسة عشر توقف كارازا وبروكس للصيانة، بدّل البرازيلي إلى الإطارات الصلبة والتي سيغيرها في اللفة المقبلة لفعل ما يريده بالإطارات المتوسطة. استخدم بروكس الإطارات المتوسطة وتزود بالوقود بشكل كامل لكنه لا يزال عليه إكمال اللفة الأخيرة بالإطارات الصلبة.


بعدأن عادوا جميعًا إلى المضمار، كان كارازا في المركز السادس وبروكس في المركزالثالث خلف كلًا من إنوستروزا وهيرنانديز اللذان اختارا الصيانة في اللفة اللاحقة، عندها أخذ بروكس الصدارة في اللفة الـ18. هنا تفوق بروكس على كارازا بـ5 ثوانٍ لكنه لا يزال عليه التوقف للصيانة للتبديل إلى الإطارات الصلبة بشكل إجباري، وهو ما يعني أن كل ما كان على كارازا فعله هوالابتعاد عن المتاعب والمحافظة على سرعته ليفوز بالسباق.

في اللفة الأخيرة، دخل بروكس الصيانة وكان عليه العودة للمركز الثاني ليفوز بالبطولة الإقليمية، لكن إنوستروزا تخطاه وخلّفه في المركز الثالث. في حين انفراد كارازا بالصدارة حتى خط النهاية. بفوزه بهذا السباق حصل البرازيلي على البطولة واستحق مركزه بالإضافة إلى ثمانية نقاط قيمة في النهائيات العالمية.

تأهل أيضًا صاحب المركز الثاني إنوستروزا وبروكس صاحب المركز الثالث وبونيلي من المركز الرابع. ما كان لافتًا للنظر هو أن الثلاثة المتأهلين الأوائل تعادلوا في إجمالي النقاط (38)، لكن كارازا فاز باللقب لقاء مركزه المتقدم في النهائي الكبير.

لم يكن يعرف أدريانو كارازا أنه توّج بطلًا للأمريكتين حتى أخبرته الصحفية جوليا هاردي بذلك.

قال "ماذا؟ أنا بطل الأمريكتين؟ أجل! يا إلهي، أنا سعيد بأدائي، خاصة في السباق الأخير. كنت جيدًا في التأهيلات، وكل ما أردته في السباق نفسه هو المحافظة على هذا الأداء. أظن أن استراتيجية الصيانة الخاصة بي كانت جيدة وعمل كل شيء في صالحي".

نتائج 2020 Series Nations Cup – النهائيات الإقليمية (أمريكا)